د. أنس قدح: الصيام يخفف من الالتهابات ويقوي الأداء الادراكي ويحسن صحة القلب وينظم مستويات السكر

د. أنس قدح اخصائي الجهاز الهضمي في المركز الطبي تسافون:

الصيام يخفف من الالتهابات ويقوي الأداء الادراكي ويحسن صحة القلب وينظم مستويات السكر.

يفضل الإفطار على التمر او سوائل كالماء والحساء والاستراحة قليلا ثم تناول الوجبة كي يبدأ الجهاز الهضمي      

في عمله بالتدريج

الاكثار من الوجبات التي تحتوي على البروتينات المتمثلة في لحم الطيور أو الحيوانات مسلوقة أو مشوية والابتعاد عن المخللات والأطعمة الحارة وكثيرة التوابل لأنها ترهق الجهاز الهضمي 

مع اطلالة الشهر الفضيل وأجوائه المميزة تتغير عادات وسلوك افراد العائلة خاصة في ظل الانقطاع عن المأكل والمشرب لساعات طويلة، ليجتمع الجميع مساءا على مائدة إفطار واحدة. ويبقى السؤال الأهم مع قدوم شهر رمضان في كل عام عن الطريقة الأنسب والأكثر صحة لإتمام أيام الصوم من جهة، وكيفية التعامل مع المائدة الرمضانية التي غالبا ما تكون دسمة في ساعات الإفطار. وعن هذا الموضوع تحدث د. أنس قدح اخصائي الجهاز الهضمي وأمراض الكبد في المركز الطبي تسافون "بوريا" وقال: بينما يصوم العديد من الناس في اصقاع الأرض لأسباب صحية وثقافية، يأتي شهر رمضان المبارك لينتج الرابط بين الفوائد الصحية والروحية. فصوم رمضان هو الركن الثالث من اركان الإسلام، ودين الإسلام دين يُسر وليس بعُسر ولا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها.

واكد د. قدح: انه مع مرور السنين يكتشف العلم الجديد العديد من الفوائد الصحية للصوم؛ نذكر منها باختصار ان الصوم بادئ ذي بدء يخفف الالتهابات وهو استجابة الجسم الطبيعية للعدوى وعادة ما يختفي بعد شفاء الخلايا التالفة. فعندما يكون الجسم في حالة الصيام، لا يستطيع تحويل الجلوكوز من الطعام إلى طاقة لاستغلالها من قبل الخلايا المشاركة في الالتهاب.

كما يعمل الصيام على تقوية الأداء الإدراكي، حيث اظهرت مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أن الصيام يمكن أن يمنع تطور مرض الزهايمر لدى الحيوانات وقد يكون له أثر ايضا على الانسان. من جهة أخرى يعمل الصوم على تنظيم مستويات السكر في الدم، وهو أمر مهم للحماية من أمراض مثل مرض السكري من النوع الثاني. كما يعمل الصيام على تحسين صحة القلب عن طريق تقليل الالتهاب والحماية من مرض السكري، وكلاهما عامل خطر للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية". 

وأضاف د. قدح أيضا عن فوائد الصيام قائلا: انه يساعد بطبيعة الحال على فقدان الوزن عن طريق الحد من عدد السعرات الحرارية التي تتناولها. ويساعد الصيام المتقطع، بشكل خاص، في إنقاص الوزن عن طريق الحفاظ على انخفاض مستويات السكر في الدم في المساء عندما تكون أقل نشاطا. مع كل ما ذكر سالفا ونتيجة العلاقة المباشرة بين الصيام والجهاز الهضمي هناك سؤال دائما ما يطرح نفسه مع بداية شهر الصوم حول تأثير الصيام على الجهاز الهضمي!  والواقع أنه لا تأثير للصيام على الجهاز الهضمي السليم إذ أن جسم الإنسان له القدرة على التكيف والتأقلم حسب الظروف، بل من الملاحظ طبياً أنه عندما يتعرض الإنسان السليم لأي توعك صحي، نفسي، وظيفي أو عضوي ينعكس ذلك على جهازه الهضمي وقد يشعر بالغثيان أو التقيؤ وقد يصاب بالمغص أو الإسهال وذلك ناتج عن تأثير جهازنا العصبي والهرمونات على الجهاز الهضمي، وهنا يكون العلاج هو الطلب من المريض الامتناع عن الأكل والشرب، وكثيرا من الناس يعملون بهذا الإجراء دون استشارة الطبيب ذلك أنها باتت بديهية معروفة لدى الكثيرين.

وعن العوارض المرضية التي من الممكن ان يصاب بها الصائم خلال شهر رمضان المبارك تحدث د. قدح قائلا ان يمكننا أن نقسم هذه العوارض إلى قسمين: العوارض أو الأمراض الوظيفية وهي عبارة عن اضطرابات وظيفية (فسيولوجية) بسيطة تحصل في الأيام الأولى من الصيام وتنجم عن التغيير المفاجئ في نظام الغذاء ووقته، الإفراط في الطعام والشراب في وجبة الإفطار، والنوم او الاستلقاء بعد تناول وجبة الإفطار او السحور مباشرة إضافة إلى التنوع الزائد في الطعام وإضافة المعجنات والحلويات وغيرها .

ومن الجدير ذكره ان التغيير المفاجئ في بعض العادات مثل تناول القهوة الصباحية (الانقطاع الفوري عن الكافيين) وتناول الأطعمة بين الوجبات يؤدي إلى اضطراب وظيفي يتمثل بوجع في الرأس أو دوخة وما إلى ذلك من أعراض سرعان ما تزول بعد مرور الأيام الأولى من الصيام.

اما النوع الثاني من العوارض فتعتبر الأمراض العضوية، وهي ناتجة عن أمراض عضوية موجودة أساساً وتزداد خلال الصيام أو تظهر عوارضها بشكل واضح، ومنها نوبات وجع البطن الشديد، اشتداد الارتجاع من المعدة بما يسمى(حرقة) (حموضة) (قيء) أو نوبات مغص شديدة لوجود قرحة مزمنة في المعدة او الاثني عشر أو التهابات في المعدة أو الاثني عشر. والحال نفسه في نوبات المرارة ففي شهر الصيام وبسبب الإفراط في وجبة الإفطار كماً ونوعاً تظهر عوارض المرارة الناتجة عن حصوات موجودة سابقاً في المرارة دون علم المريض بها

وعن اهم النصائح التي يقدمها د. انس قدح اخصائي الجهاز الهضمي وامراض الكبد في المركز الطبي تسافون "بوريا" للصائمين:

يفضل الإفطار على التمر او على سوائل (الماء او الحساء) – فمع بدء تناول الفطور تتنبه الأجهزة، ويبدأ الجهاز الهضمي في عمله، وخصوصا المعدة. والصائم في تلك الحال بحاجة إلى مصدر سكري سريع، يدفع عنه الجوع، مثلما يكون في حاجة إلى الماء. وأسرع المواد الغذائية التي يمكن امتصاصها ووصولها إلى الدم هي المواد السكرية، وخاصة السكريات الأحادية أو الثنائية (الجلوكوز أو السكروز) لسهولة امتصاصها.  إن ثلثي المادة السكرية الموجودة في التمر تكون على صورة كيميائية بسيطة تجعل عملية هضمها سهلا جدا، وهكذا يرتفع مستوى سكر الدم في وقت وجيز.

بعد تناول التمر او الحساء يستحب أن يأخذ الصائم فترة صغيرة من الراحة والحركة، فيصلى المغرب فيها. هذه الحركة تساعد الجهاز الهضمي على استئناف العمل والحركة بالتدريج بعد فترة الصوم.

من المستحسن أن يبدأ من يشرع بالفطور بعد ما سلف بأن تكون الوجبة مكونة من البروتينات المتمثلة في لحم الطيور أو الحيوانات إما مسلوقة أو مشوية. ومن الأفضل الابتعاد عن المخللات والأطعمة الحارة أو كثيرة التوابل لأنها ترهق الجهاز الهضمي وتسبب الانتفاخات وعسر الهضم.

يجب الاعتدال في الوجبات (من حيث الكمية والنوعية) واعتبار وجبة الإفطار وجبة عادية مثل الغداء أو العشاء في الأيام العادية

عدم الإكثار من تناول السوائل مع أو بعد الإفطار مباشرة لأنها تعيق عمل المعدة وتقلل من نسبة احماض وانزيمات الهضم. 

إن تناول الحلويات الرمضانية اليومية لا تعود بالفائدة على الصائم، بل على العكس تؤدي إلى زيادة الوزن والتخمة وغيرها من العوارض المرتبطة بصحة ونظافة ونوعية هذه الحلويات ويمكننا الاستغناء عنها والتعويض بتناول الفاكهة الطازجة. 

بالنسبة لإمكانية الصوم لمرضى الجهاز الهضمي بما في ذلك مرضى الكورون والكوليتس فهذا أمر مركب ويختلف من شخص الى اخر، وهنا الافضل امتنع عن توصيات عامة قد تؤدي الى التضليل. فيجب على المريض المقدم على الصوم استشارة الطبيب ليحدد حدة المرض ونوع العلاج المتبع مع الاخذ بالحسبان الجرعات الدوائية وكميتها ومدى وملاءمتها لأداء فريضة الصوم.

واختتم د. قدح حديثه قائلا: كما ذكرنا سابقا - الدين الاسلامي والطب يتوافقان على ضرورة تجنب فئات معينة للصوم حفاظا على حياة وجسم المريض ويتوافقان على ضرورة كسر الصوم في الحالات الطارئة وعدم تحميل الجسم أكثر مما يطيق. فان كنت تتناول أدوية لتثبيط افرازات المعدة (في حالة التهاب او قرحة المعدة او الارتجاع)، أدوية التهاب الأمعاء (مرض كرون\كوليتيس)، يجب عليك مناقشة طبيبك حول تعديل أوقات تناول الدواء أو تغيير الدواء إذا لزم الأمر، حتى لا يؤثر الصيام سلبًا على شدة أعراض التهاب الامعاء. ويمكن ملائمة الجرعات بشكل أسهل لكن تذكر دائما إذا كنت صائمًا، وشعرت أن ألمك يزداد، قم بإنهاء صيامك وتناول أدويتك بعد استشارة الطبيب ولا تثقل على جسمك لان الدين يسر وليس عسر.